Suriy-i-Muluk/Arabic13
أَنْ يَا أَيُّهَا السُّلْطَانُ اسْمَعْ قَوْلَ مَنْ يَنْطِقُ بِالحَقِّ وَلا يُرِيدُ مِنْكَ جَزَاءً عَمَّا أَعْطَاكَ اللهُ وَكَانَ عَلَى قِسْطَاسِ حَقٍّ مُسْتَقِيمٍ، وَيَدْعُوكَ إِلَى اللهِ رَبِّكَ وَيَهْدِيكَ سُبُلَ الرُّشْدِ وَالفَلاحِ لِتَكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ، إِيَّاكَ يَا أَيُّهَا المَلِكُ لا تَجْمَعْ فِي حَوْلِكَ مِنْ هؤُلاءِ الوُكَلاءِ الّذِينَ لا يَتَّبِعُونَ إِلَّا هَواهُمْ وَنَبَذُوا أَمَانَاتِهِمْ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَكَانُوا عَلَى خِيَانَةٍ مُبِينٍ، فَأَحْسِنْ عَلَى العِبَادِ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ لَكَ وَلا تَدَعِ النَّاسَ وَأُمُورَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ هؤُلاءِ، اتَّقِ اللهَ وَكُنْ مِنَ المُتَّقِينَ، فَاجْتَمِعْ مِنَ الوُكَلاءِ الّذِينَ تَجِدُ مِنْهُمْ رَوَايِحَ الإِيمَانِ وَالعَدْلِ ثُمَّ شَاوِرْهُمْ فِي الأُمُورِ وَخُذْ أَحْسَنَهَا وَكُنْ مِنَ المُحْسِنِينَ، فَاعْلَمْ وَأَيْقِنْ بِأَنَّ الّذِي لَنْ تَجِدَ عِنْدَهُ الدِّيَانَةَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ الأَمَانَةُ وَالصِّدْقُ وَإِنَّ هذا لَحَقٌّ يَقِينٌ، وَمَنْ خَانَ اللهَ يَخَانُ السُّلْطَانَ وَلَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ شَيْءٍ وَلَنْ يَتَّقِيَ فِي أُمُورِ النَّاسِ وَمَا كَانَ مِنَ المُتَّقِينَ، إِيَّاكَ أَنْ لا تَدَعْ زِمَامَ الأُمُورِ عَنْ كَفِّكَ وَلا تَطْمَئِنَّ بِهِمْ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَإِنَّ الّذينَ تَجِدُ قُلُوبَهُمْ إِلَى غَيْرِكَ فَاحْتَرِزْ عَنْهُمْ وَلا تَأْمُنْهُمْ عَلَى أَمْرِكَ وَأُمُورِ المُسْلِمِينَ، وَلا تَجْعَلِ الذِّئْبَ رَاعِيَ أَغْنَامِ اللهِ وَلا تَدَعْ مُحِبِّيهِ تَحْتَ أَيْدِي المُبْغِضِينَ، إِنَّ الذّينَ يَخَانُونَ الله فِي أَمْرِهِ لَنْ تَطْمَعَ مِنْهُمُ الأَمَانةَ وَلا الدِّيَانَةَ وَتَجَنَّبْ عَنْهُمْ وَكُنْ فِي حِفْظٍ عَظِيمٍ، لِئَلاَّ يَرِدَ عَلَيْكَ مَكْرُهُمْ وَضُرُّهُمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ثُمَّ أَقْبِلْ إِلَى اللهِ رَبِّكَ العَزِيزِ الكَرِيمِ، مَنْ كَانَ للهِ كَانَ اللهُ لَهُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ يَحْرُسُهُ عَنْ كُلِّ مَا يَضُرُّهُ وَعَنْ شَرِّ كُلِّ مَكَّارٍ لَئِيمٍ، وَإِنَّكَ لَوْ تَسمَعُ قَوْلِي وَتَسْتَنْصِحُ بِنُصْحِي يَرْفَعُكَ اللهُ إِلَى مَقَامٍ الّذي يَنْقَطِعُ عَنْكَ أَيْدِي كُلِّ مَنْ علَى الأَرْضِ أَجْمَعِينَ، أَنْ يَا مَلِكُ اتَّبِعْ سُنَنَ اللهِ فِي نَفْسِكَ وَبِأَرْكَانِكَ وَلا تَتَّبِعْ سُنَنَ الظَّالِمِينَ، خُذْ زِمَامَ أَمْرِكَ فِي كَفِّكَ وَقَبْضَةِ اقْتِدَارِكَ ثُمَّ اسْتَفْسِرْ عَنْ كُلِّ الأُمُورِ بِنَفْسِكَ وَلا تَغْفَلْ عَنْ شَيْءٍ وَإِنَّ فِي ذلِكَ لَخَيْرٌ عَظِيمٌ، أَنِ اشْكُرِ اللهَ رَبَّكَ بِمَا اصْطَفَاكَ بَيْنَ بَرِيَّتِهِ وَجَعَلَكَ سُلْطَانًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَنْبَغِي لَكَ بِأَنْ تَعْرِفَ قَدْرَ مَا وَهَبَكَ اللهُ مِنْ بَدَايِعِ جُودِهِ وَإِحْسَانِهِ وَتَشْكُرَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، وَشُكْرُكَ رَبَّكَ هُوَ حُبُّكَ أَحِبَّاءَهُ وَحِفْظُكَ عِبَادَهُ وَصِيَانَتُهُمْ عَنْ هَؤُلاءِ الخَائِنِينَ، لئَلاَّ يَظْلِمَهُم أَحَدٌ ثُمَّ إِجْرَاءُ حُكْمِ اللهِ بَيْنَهُمْ لِتَكُونَ فِي شَرْعِ اللهِ لَمِنَ الرَّاسِخِينَ، وَإِنَّكَ لَوْ تُجْرِي أَنْهَارَ العَدْلِ بَيْنَ رَعْيَّتِكَ لَيَنْصُرُكَ اللهُ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشِّهَادَةِ وَيُؤَيِّدُكَ عَلَى أَمْرِكَ وَإِنَّهُ مَا مِنْ إِلهٍ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ وَإِنَّ إِلَيْهِ يَرْجِعُ عَمَلُ المُخْلِصِينَ، وَلا تَطْمَئِنَّ بِخَزَائِنِكَ فَاطْمَئِنَّ بِفَضْلِ اللهِ رَبِّكَ ثُمَّ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ فِي أُمُورِكَ وَكُنْ مِنَ المُتَوَكِّلِينَ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَغْنِ مِنْ غَنَائِهِ وَعِنْدَهُ خَزَائِنُ السّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ عَمَّنْ يَشَاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ، كُلٌّ فُقَرَاءُ لَدَى بَابِ رَحْمَتِهِ وَضُعَفَاءُ لَدَى ظُهُورِ سُلْطَانِهِ وَكُلٌّ مِنْ جُودِهِ لَمِنَ السَّائِلِينَ، وَلا تُفَرِّطْ فِي الأُمُورِ فَاعْمَلْ بَيْنَ خُدَّامِكَ بِالعَدْلِ ثُمَّ أَنْفِقْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتاجُونَ بِهِ لا عَلَى قَدْرٍ الّذي يَكْنِزُونَهُ وَيجْعَلُونَهُ زِينَةً لأَنْفُسِهِمْ وَبُيوتِهِمْ وَيصْرِفُونَهُ فِي أُمُورِ الَّتِي لَنْ يحْتاجُوا بِهَا وَيكُونُنَّ مِنَ المُسْرِفِينَ، فَاعْدِلْ بَيْنَهُمْ عَلَى الخَطِّ الاسْتِوَاءِ بِحَيْثُ لَنْ يَحْتَاجَ بَعْضُهُمْ وَلَنْ يَكْنِزَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ هَذا لَعَدْلٌ مُبِينٌ، وَلا تَجَعَلِ الأَعِزَّةَ تَحْتَ أَيْدِي الأَذِلَّةِ وَلا تُسَلِّطِ الأَدْنَى عَلَى الأَعْلَى كَمَا شَهِدْنا فِي المَدِينَةِ وَكُنَّا مِنَ الشَّاهِدينَ، وَإِنَّا لَمَّا وَرَدْنَا المَدِينَةَ وَجَدنَا بَعْضَهُمْ فِي سَعَةٍ وَغَنَاءٍ عَظِيمٍ وَبَعْضَهُمْ فِي ذِلَّةٍ وَفَقْرٍ مُبِينٍ، وَهذا لا ينْبَغِي لِسَلْطَنَتِكَ وَلا يَلِيقُ لِشَأْنِكَ اسْمَعْ نُصْحِي ثُمَّ اعْدِلْ بَيْنَ الخَلْقِ لِيَرْفَعَ اللهُ اسْمَكَ بِالعَدْلِ بَيْنَ العَالَمِينَ، إِيَّاكَ أَنْ لا تُعَمِّرْ هؤُلاءِ الوُكَلاءَ وَلا تُخَرِّبِ الرَّعِيَّةَ اتَّقِ مِنْ ضَجِيجِ الفُقَرَاءِ وَالأَبْرَارِ فِي الأَسْحَارِ وَكُنْ لَهُمْ كَسُلْطَانٍ شَفِيقٍ، لأَنّهُمْ كَنْزُكَ فِي الأرضِ فَينْبَغِي لِحَضْرَتِكَ بِأَنْ تَحْفَظَ كَنْزَكَ مِنْ أَيْدِي هؤُلاءِ السَّارِقِينَ، ثُمَّ تَجَسَّسْ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَحْوالِهِمْ فِي كُلِّ حَوْلٍ بَلْ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَلا تَكُنْ عَنْهُمْ لَمِنَ الغَافِلِينَ، ثُمَّ انْصِبْ مِيزَانَ اللهِ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِكَ ثُمَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ فِي مَقَامٍ الّذِي كَأَنَّكَ تَرَاهُ ثُمَّ وَزِّنْ أَعْمالَكَ بِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَلْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَحَاسِبْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ فِي يَوْمٍ الّذِي لَنْ يَسْتَقِرَّ فِيهِ رِجْلُ أَحَدٍ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتَضْطَرِبُ فِيهِ أَفْئِدَةُ الغَافِلِينَ، وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ بِأَنْ يَكُونَ فَيْضُهُ كَالشَّمْسِ يُرَبِّي كُلَّ شَيءٍ وَيُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَهذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَلْ بِمَا قُدِّرَ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ، وَيَكُونُ رَحْمَتُهُ كَالسَّحَابِ يُنْفِقُ عَلَى العِبَادِ كَمَا يُنْفِقُ السَّحَابُ أمْطَارَ الرَّحْمَةِ عَلَى كُلِّ أَرْضٍ بِأَمْرٍ مِنْ مُدَبِّرٍ عَلِيمٍ، إِيَّاكَ أَنْ لا تَطْمَئِنَّ مِنْ أَحَدٍ فِي أَمْرِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ أَحَدٌ كَمِثْلِكَ عَلَى نَفْسِكَ كَذلِكَ نُبَيِّنُ لَكَ كَلِمَاتِ الحِكْمَةِ وَنُلْقِي عَلَيْكَ مَا يُقَلِّبُكَ عَنْ شِمَالِ الظُّلْمِ إِلَى يَمِينِ العَدْلِ وَيَهْدِيكَ إِلَى شَاطِئِ قُرْبٍ مُنِيرٍ، كُلُّ ذلِكَ مِنْ سِيرَةِ المُلُوكِ الَّذِينَ سَبَقُوكَ فِي المُلْكِ وَكَانُوا أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَ النَّاسِ وَيَسْلُكُوا عَلى مَنَاهِجِ عَدْلٍ قَويمٍ، إِنَّكَ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ فَافْعَلْ مَا يَلِيقُ لِهذَا الشَّأْنِ المُتَعَالِ العَظِيمِ، وَإِنَّكَ إِنْ تَخْرُجْ عَمَّا ألْقَيْنَاكَ وَعَلَّمْنَاكَ لَتَخْرُجْ عَنْ هذا الشَّأْنِ الأَعَزِّ الرَّفِيعِ، فَارْجِعْ إِلَى اللهِ بِقَلْبِكَ ثُمَّ طَهِّرْهُ عَنِ الدُّنْيا وَزُخْرُفِها وَلا تُدْخِلْ فِيهِ حُبَّ المُغَايِرِينَ، لأَنَّكَ لَوْ تُدْخِلُ فِيهِ حُبَّ الغَيْرِ لَنْ يَسْتَشْرِقَ عَلَيْهِ أَنْوَارُ تَجَلِّي اللهِ،