Madinatut-Tawhid/Arabic14
إيّاكم يا ملأ البيان لا تشتبه عليكم بأنّ الأفعال لو يظهر من عنده كيف يعذّب عباده العصاة في طبقات الجحيم فاعلموا بأنّه تعالى أرسل الرّسل بالحقّ ليأمروا النّاس بالبِرّ والتّقوى وينهوهم عن البغي والفحشاء ويبشّرهم بلقاء اللّه في يوم الّذي فيه تشرق الأنوار من مقعد عزّ منير وهذا ما قضى على الحقّ من عنده على العالمين وبهم عرّفهم سبل الهداية والضّلالة وبيّن لهم بلسان رسله كلّ ما أراد لهم بحيث ما من خير إلّا وهو في كتاب مبين فلمّا بَيَّن لهم الحقّ وأوضح لهم سبل القدس وأظهر لهم مناهج الفردوس أمرهم بكلّ ما يبلغهم إلى هذه المقامات القدسيّة ويقرّبهم إلى اللّه العزيز الحميد وانهيهم عن كلّ ما يضرّهم ولذا يرفع المطيعين إلى رفرف القرب ويضع المستكبرين ثمّ اختارهم في هذين السّبيلين بعد علمهم وعرفانهم سبل الهداية والضّلالة ويمدّهم في كلّ ما يختارونه لأنفسهم وهذا عدل من عنده على كلّ من في الملك أجمعين إذا فاشهد في نفسك بأنّ اللّه ما ظلم نفس على قدر خردل ولن يظلم وإنّه لهو المعطي الواهب الكريم فلمّا ظهر للعباد سبل الحقّ عن الباطل ومناهج الهداية عن الضّلالة يسعدهم في ما يريدون ويجري عليهم القضاء بعد إرادتهم وكذلك نصرف لكم الآيات ونلقي عليكم كلمات الحكمة لتستبشروا بها قلوبكم وقلوب المقرّبين وإنّه تعالى لو يمسك عباده من فعل ويجبرهم على فعل آخر ليكون ظلما من عنده فسبحانه وتعالى من أن يظلم نفس على قدر نقير وقطمير وإنّه بعد قدرته على كلّ شيء وجريان قضائه في كلّ شيء يمد كلّ الممكنات في أفعالهم بعد عرفانهم بالنّور والظّلمة وهذا الفضل من عنده لو أنتم ببصر الحكمة في أسرار الأمر لمن النّاظرين ومن قال بغير ما ألهمناك أو يقول بغير ما ألقيناك فهو مجرم بنص الكتاب وكان اللّه بريء منه إلّا بأنّ يتوب ويرجع إلى الله ويكون من المستغفرين إنّه يغفر من يشاء ويعطي لمن يشاء ويمنع عمّن يشاء ولا يسئل عمّا شاء وبيده ملكوت الأمر والخلق وفي قبضة جبروت السّموات والأرض يحيي ويميت ثمّ يميت ويحيي وإنّه هو حيّ لا يموت ولا يفوت عن علمه شيء وأحاط فضله كلّ الممكنات ويعلم خافية القلوب وما ظهر منها لا إله إلّا هو العالم الغالب الحاكم اللّطيف الخبير