Lawh-i-Khalil I/Page1/Arabic3
وأمّا ما سئلت عن الفطرة فاعلم بأنّ النّاس قد خلقوا على فطرة الله المهيمن القيّوم وقدّر لكلّ نفس مقادير الأمر على ما رقم في ألواح عزّ محفوظ ولكن يظهر ذلك بإرادات أنفسكم كما أنتم في أعمالكم تشهدون مثلا فانظر فيما حرّم على العباد في الكتاب من شيء كما أنتم في البيان تنظرون بحيث أحلّ الله فيه ما أراد بأمره وحرّم ما شاء بسلطانه قل كلّ ذلك في الكتاب أفلا تشهدون ولكنّ النّاس بعد علمهم عمّا نهوا عنه هم يرتكبون هل ينسب هذا إلى الله أو إلى أنفسهم إن أنتم تنصفون قل ما من حسنة إلّا من عند الله وما من سيئة إلّا من أنفسكم أفلا تعرفون وهذا ما نزل في كلّ الألواح إن أنتم تعلمون بلى إنّه عالم بأعمالكم قبل ظهورها كما هو عالم بعد ظهورها وإنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ عنده في ألواح قدس مكنون وهذا العلم لم يكن علّة الفعل في خلقه كما أنّ علمكم بشيء لم يكن علّة لظهوره فيما أردتم لو تريدون وعلمتم أو تعلمون كذلك نلقي عليكم من آيات البدع ونصرّفها بالحقّ لعلّ النّاس كانوا بآيات ربّهم موقنون إِذًا تفكّر في نفسك فيما سئلت لعلّ يفتح الله على قلبك أبواب العلم والحكمة ويشهدك خلق كلّ شيء ويعرّفك أسرار ما كان وما يكون فوالله كلّ ذلك عنده لأسهل عن كلّ شيء يعطي من يشاء من خلقه بأمر من عنده وإنّه لهو المقتدر العزيز المحبوب وإنّك أنت طير في فضاء القدس في هذا الهواء الّذي فيه يتحرّك نسائم الحيّ الحيوان إيّاك أن تكن من أهل الوقوف فاسع في نفسك بأن ترتقي في كلّ حين إلى سماء أخرى وفضاء أخرى لتطّلع في كلّ آن بأسرار بدع مستور لأن لم يكن لسماء فضله من نهاية ولا لأرض فيضه من بداية ليتمّ بالقدم أو بالجناح أو بالإدراك والعقول فاخرق الحجبات باسمي العزيز المحبوب ولا تلتفت إلى أحد إلّا الله ربّك وتوجّه إلى وجهي الدّرّيّ المشهود بحيث لن يمنعك كبر العمائم عن الدّخول في حرم الله المهيمن العزيز القدّوس لأنّا وجدنا ملأ البيان بمثل ملأ الفرقان با أشدّ حجابا إن أنتم تعلمون بحيث يقولون بمثل ما قالوا ويفعلون كما فعلوا أمم القبل فسوف تعرفون وإنّك فاجهد في نفسك لئلّا تمشي على قدمهم بل على قدم الله ربّك في هذا الصّراط المنير المبارك الممدود ولو سئل عنهم ما الفرق بينكم وبينهم إِذًا يقولون ما لا يشعرون كذلك سوّلت أنفسهم وهتكت قلوبهم بما كانوا أن يكسبون