|
|
Line 1: |
Line 1: |
| أَنْ يا مَلأَ المَدِينَةِ اتَّقُوا اللهَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَلا تَتَّبِعُوا الشَّيْطَانَ ثُمَّ اتَّبِعُوا الحَقَّ فِي هذِهِ الأَيَّامِ القَلِيلِ، سَتَمْضِي أيَّامُكُم كَمَا مَضَتْ عَلَى الَّذينَ هُم كانُوا قَبْلَكُمْ وَتُرْجَعُونَ عَلَى التُّرابِ كَمَا رَجَعُوا إِلَيهِ آباؤُكُمْ وَكَانُوا مِنَ الرَّاجِعِينَ، ثُمَّ اعْلَمُوا بِأَنَّا مَا نَخَافُ مِنْ أحَدٍ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ وَمَا تَوَكُلِي إِلَّا عَلَيْهِ وَمَا اعْتِصَامِي إِلَّا بِهِ وَمَا نُرِيدُ إِلَّا مَا أَرَادَ لَنَا وَإِنَّ هذا لَهُوَ المُرادُ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، إِنِّي أَنْفَقْتُ رُوحِي وَجَسَدِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مَنْ عَرَفَ اللهَ لَنْ يَعْرِفَ دُونَهُ وَمَنْ خافَ اللهَ لَنْ يَخَافَ سِوَاهُ وَلَوْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ أَجْمَعِينَ، وَمَا نَقُولُ إِلَّا بِمَا أُمِرْتُ وَمَا نَتَّبِعُ إِلَّا الحَقَّ بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتهِ وَإِنَّهُ يَجْزِي الصَّادِقِينَ، ثُمَّ اذْكُرْ يا عَبْدُ مَا رَأَيْتَ فِي المَدينَةِ حِينَ وُرُودِكَ لِيَبْقَى ذِكْرُهَا فِي الأَرْضِ وَيَكُونَ ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنينَ، فَلَمَّا وَرَدْنَا المَدِينَةَ وَجَدْنَا رُؤَسَاءَهَا كَالأَطْفَالِ الَّذينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الطِّينِ لِيَلْعَبوا بِهِ وَمَا وَجَدْنَا مِنهُمْ مِنْ بالغٍ لِنُعَلِّمَهُ مَا عَلَّمَنِي اللهُ وَنُلْقِي عَلَيْهِ مِنْ كَلِمَاتِ حِكْمَةٍ مَنِيعٍ، وَلِذَا بَكَيْنَا عَلَيْهِمْ بِعُيُونِ السِّرِّ لارْتِكَابِهِمْ بِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِغْفَالِهِم عَمَّا خُلِقُوا لَهُ وَهذا مَا أَشْهَدْنَاهُ فِي المَدِينَةِ وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الكِتَابِ لِيَكُونَ تَذْكِرَةً لَهُمْ وَذِكْرَى لِلآخَرِين، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَزُخْرُفَهَا يَنْبَغِي لَكُمْ بِأَنْ تَطْلُبُوهَا فِي الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لأَنَّ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فِي كُلِّ آنٍ تَقَرَّبْتُمْ إِلى الدُّنْيَا وَتَبَعَّدْتُمْ عَنْهَا إِنْ كُنْتُمْ مِنَ العَاقِلينَ، فَلَمَّا وُلِدْتُمْ وَبَلَغَ أَشُدَّكُمْ إِذًا تَبَعَّدْتُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَتَقَرَّبْتُمْ إِلى التُّرَابِ فَكَيْفَ تَحْرِصُونَ فِي جَمْعِ الزَّخَارِفِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بَعْدَ الَّذي فَاتَ الوَقْتُ عَنْكُم وَمَضَتِ الفُرْصَةُ فَتَنَبَّهُوا يَا مَلأَ الغَافِلِينَ، اسْمَعُوا مَا يَنْصَحُكُمْ بِهِ هذَا العَبْدُ لِوَجْهِ اللهِ وَمَا يُرِيدُ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَرَضِيَ بِمَا قَضَى اللهُّ لَهُ وَيَكُونُ مِنَ الرَّاضِينَ، يَا قَوْمُ قَدْ مَضَتْ مِنْ أَيَّامِكُمْ أكْثَرُهَا وَمَا بَقَتْ إلاّ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ إِذًا دَعُوا مَا أَخَذْتُمْ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ثُمَّ خُذُوا أَحْكَامَ اللهِ بِقُوَّةٍ لَعَلَّ تَصِلُونَ إِلَى مَا أَرَادَ اللهُ لَكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ الرَّاشِدِينَ، وَلا تَفْرَحُوا بِمَا أُوتِيتُمْ مِنْ زِينَةِ الأَرْضِ وَلا تَعْتَمِدُوا عَلَيْهَا فَاعْتَمِدُوا بِذِكْرِ اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَسَوْفَ يُفْنِي اللهُ مَا عِنْدَكُمْ اتَّقُوا اللهَ وَلا تَنَسَوْا عَهْدَ اللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الْمُحْتَجِبينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَسْتَكْبِرُوا عَلَى اللهِ وَأَحِبَّائِهِ ثُمَّ اخْفِضُوا جَناحَكُمْ لِلمُؤْمِنِينَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَآياتِهِ وَتَشْهَدُ قُلُوبُهُم بِوَحْدانِيَّتِهِ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِفَرْدَانِيَّتِهِ وَلا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِهِ كَذلِكَ نَنْصَحُكُمْ بِالْعَدلِ وَنُذَكِّرُكُمْ بِالحَقِّ لَعَلَّ تَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِرينَ، وَلا تَحْمِلُوا عَلَى النَّاسِ مَا لا تَحْمِلُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُم وَلَنْ تَرْضَوا لأَحَدٍ مَا لا تَرْضَوْنَهُ لَكُمْ وَهَذا خَيْرُ النُّصْحِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ السَّامِعِينَ، ثُمَّ احْتَرِمُوا العُلَمَاءِ بَيْنَكُمُ الَّذينَ يَفْعَلُونَ مَا عَلِمُوا وَيَتَّبِعُونَ حُدُودَ اللهِ وَيَحْكُمُونَ بِمَا حَكَمَ اللهُ فِي الكِتَابِ فَاعْلَمُوا بِأَنَّهُمْ سُرُجُ الهِدَايَةِ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، إِنَّ الّذينَ لَنْ تَجِدُوا لِلْعُلَمَاءِ بَيْنَهُمْ مِنْ شَأْنٍ وَلا مِنْ قَدْرٍ أُولئِكَ غَيَّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قُلْ فَارْتَقِبُوا حَتّى يُغَيِّرَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِنْ شَيْءٍ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَلا تَفْرَحُوا بِمَا فَعَلْتُمْ أَوْ تَفْعَلُونَ وَلا بِمَا وَرَدْتُمْ عَلَيْنَا لأَنَّ بِذَلِكَ لَنْ يَزْدَادَ شَأْنُكُمْ لَوْ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ فِي أَعْمَالِكُمْ بِعَيْنِ اليَقِينِ، وَكَذلِكَ لَنْ يَنْقُصَ عَنّا مِنْ شَيْءٍ بَلْ يَزِيدُ اللهُ أَجْرَنَا بِمَا صَبَرْنَا فِي البَلايَا وَإِنَّهُ يَزِيدُ أَجْرَ الصَّابِرينَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ البَلايَا وَالمِحَنَ لَمْ يَزَلْ كَانَتْ مُوكَلَةً لأَصْفِيَاءِ اللهِ وَأَحِبَّائِهِ ثُمَّ لِعِبَادِهِ المُنْقَطِعِينَ الَّذِينَ لا تُلهِيهِمُ التِّجَارَةُ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَلا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ لَمِنَ العَامِلِينَ، كَذَلِكَ جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ مِنْ قَبْلُ وَيَجْرِي مِنْ بَعْدُ فَطُوبَى لِلصَّابِرينَ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَلَنْ يَجْزَعُوا مِنْ شَيْءٍ وَكَانُوا عَلَى مَنَاهِجِ الصَّبْرِ لَمِنَ السَّالِكينَ، وَلَيْسَ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا أَوَّلَ قَارُورَةٍ كُسِرَتْ فِي الإِسْلامِ وَلَيْسَ هذا أَوَّلَ مَا مَكَرُوا بِهِ عَلَى أَحِبَّاءِ اللهِ هَؤُلاءِ المَاكِرينَ، وَوَرَدَ عَلَيْنَا بِمِثْلِ مَا وَرَدَ عَلَى الحُسَيْن مِنْ قَبْلُ إِذْ جَاءَهُ المُرْسَلُونَ مِنْ لَدَى المَاكِرِينَ الَّذينَ كَانَ فِي قُلُوبِهمُ الغِلُّ وَالبَغْضَاءُ وَطَلَبُوهُ عَنِ المَدِينَةِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِأَهْلِهِ قَامُوا عَلَيْهِ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِلَى أَنْ قَتَلُوهُ وَقَتَلُوا أَوْلادَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَسَارُوا أَهْلَهُ وَكَذَلِكَ قُضِيَ مِنْ قَبْلُ وَاللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ، وَمَا بَقَتْ مِنْ ذُرِّيَتِهِ لا مِنْ صَغِيرٍ وَلا مِنْ كَبِيرٍ إِلَّا الَّذِي سُمِّيَ بِعَلِيٍّ الأوسَطِ وَلُقِّبَ بِزَيْنِ العَابِدِينَ، فَانْظُرُوا يَا مَلأَ الغُفَلاءِ كَيْفَ اشْتَعَلَتْ نَارُ مَحَبَّةِ اللهِ فِي صَدْرِ الحُسَيْنِ مِنْ قَبْلُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَفَرِّسِينَ، وَزَادَتْ هَذهِ النَّارُ إِلَى أَنْ أَخَذَ الشَّوْقُ وَالاشْتِيَاقُ عَنْهُ زِمَامَ الاصْطِبارِ وَأَخَذَهُ جَذْبُ الجَبَّارِ وَبَلَّغَهُ إِلَى مَقَامِ الَّذِي أَنْفَقَ رُوحَهُ وَنَفْسَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ وَمَعَهُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَوَاللهِ هَذَا المَقَامُ عِنْدَهُ لأَحْلَى عِنْ مُلْكِ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، لأَنَّ العَاشِقَ لَنْ يُرِيدَ إِلَّا مَعْشُوقَهُ وَكَذلِكَ الطَّالِبُ مَطْلُوبَهُ وَالحَبِيبُ مَحْبُوبَهُ وَاشْتِياقُهُمْ إِلَى اللِّقَاءِ كَاشْتِيَاقِ الجَسَدِ إِلَى الرُّوحِ بَلْ أَزْيَدُ مِنْ ذَلك إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، قُلْ حِينَئِذٍ اشْتَعَلَتِ النَّارُ فِي صَدْرِي وَيُرِيدُ أَنْ يَفْدِيَ هَذَا الحُسَيْنُ نَفْسَهُ كَمَا فَدَى الحُسَيْنُ رَجَاءً لِهَذَا المَقَامِ المُتَعَالِي العَظِيمِ، وَهَذَا مَقَامُ فَنَاءِ العَبْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَقَائِهِ بِاللهِ المُقْتَدِرِ العَلِيِّ الكَبِيرِ، وَإِنِّي لَوْ أُلْقِي عَلَيْكُمْ مِنْ أَسْرَارِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللهُ فِي هَذَا المَقَامِ لَتَفْدُونَ أَنْفُسَكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَتَنْقَطِعُونَ عَنْ أَمْوَالِكُمْ وَكُلِّ مَا عِنْدَكُمْ لِتَصِلُوا إِلَى هَذَا المَقَامِ الأَعَزِّ الكَرِيمِ، وَلكِنْ ضَرَبَ اللهُ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَكِنَّةً وَعَلَى أَبْصَارِكُمْ غِشَاوَةً لِئَلاَّ تَعْرِفونَ أَسْرَارَ اللهِ وَلا تَكُونُنَّ بِهَا لَمِنَ المُطَّلِعِينَ، قُلْ إِنَّ اشْتِيَاقَ المُخْلِصِينَ إِلَى جِوَارِ اللهِ كَاشْتِيَاقِ الرَّضِيعِ إِلَى ثَدْيِ أُمِّهِ بَلْ أَزْيَدُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، أَوْ كَاشْتِيَاقِ الظَّمْآنِ إِلَى فُرَاتِ العِنَايَةِ أَوِ العَاصِي إِلَى الغُفْرانِ كَذَلِكَ نُبَيِّنُ لَكُمْ أَسْرَارَ الأَمْرِ وَنُلْقِي عَلَيْكُم مَا يُغْنِيكُمْ عَمَّا اشْتَغَلْتُمْ بِهِ لَعَلَّ أَنْتُم إِلَى شَطْرِ القُدْسِ فِي هَذَا الرِّضْوانِ لِتَكُونُنَّ مِنَ الدَّاخِلِينَ، فَوَاللهِ مَنْ دَخَلَ فِيهِ لَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَمَنِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ لَنْ يُحَوِّلَ الوَجْهَ عَنْ تِلْقَائِهِ وَلَوْ يُضْرَبُ بِسُيُوفِ المُنْكِرِينَ وَالمُشْرِكِينَ، كَذَلِكَ أَلْقَيْنَا عَلَيْكُمْ مَا قُضِيَ عَلَى الحُسَيْنِ وَنَسْئَلُ اللهَ بِأَنْ يَقْضِيَ عَلَيْنَا كَمَا قَضَى عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَجَوَّادٌ كَرِيمٌ، تَاللهِ هَبَّتْ مِنْ فِعْلِهِ رَوَايحُ القُدْسِ عَلَى العَالَمِينَ، وَتَمَّتْ حُجَّةُ اللهِ وَظَهَر بُرْهَانُهُ عَلَى الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، وَبَعَثَ اللهُ بَعْدَهُ قَوْمًا أَخَذُوا ثَأْرَهُ وَقَتَلُوا أَعْدَاءَهُ وَبَكَوْا عَلَيْهِ فِي كلِّ بُكُورٍ وَأَصِيلٍ، قُلْ إِنَّ اللهَ قَدَّرَ فِي الكِتَابِ بِأَنْ يَأْخُذَ الظَّالِمينَ بِظُلْمِهِمْ وَيَقْطَعَ دابِرَ المُفْسِدينَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ لِمِثْلِ هذِهِ الأَفْعَالِ بِنَفْسِهَا أَثَرًا فِي المُلْكِ وَلَنْ يَعْرِفَهُ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ فَتَحَ اللهُ عَيْنَهُ وَكَشَفَ السُّبُحَاتِ عَنْ قَلْبِهِ وَجَعَلَهُ مِنَ المُهْتَدِينَ، فَسَوْفَ يُظْهِرُ اللهُ قَوْمًا يَذْكُرُونَ أَيَّامَنا وَكُلَّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَيَطْلُبُونَ حَقَّنَا عَنِ الّذينَ هُمْ ظَلَمُونَا بِغَيْرِ جُرْمٍ وَلا ذَنْبٍ مُبِينٍ وَمِنْ وَرَائِهِمْ كَانَ اللهُ قَائِمًا عَلَيْهِمْ وَيَشْهَدُ مَا فَعَلُوا وَيَأْخُذُهُمْ بِذَنْبِهِمْ وَإِنَّهُ أَشَدُّ المُنْتَقِمِينَ، وَكَذلِكَ قَصَصْنا لَكُمْ مِنْ قِصَصِ الحَقِّ وَأَلْقَيْنَاكُمْ مَا قَضَى اللهُ مِنْ قَبْلُ لَعَلَّ تَتُوبُونَ إِلَيْهِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَتَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَتَكُونُنَّ مِنَ الرَّاجِعِينَ، وَتَتَنَبَّهُونَ فِي أَفْعَالِكُمْ وَتَسْتَيْقِظُونَ عَنْ نَوْمِكُمْ وَغَفْلَتِكُمْ وَتَدَّارَكُونَ مَا فَاتَ عَنْكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ المَحْسِنينَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْبَلْ قَوْلِي وَمَنْ شَاءَ فَلْيُعْرِضْ وَمَا عَلَيَّ إِلَّا بِأَنْ أُذَكِّرَكُمْ فِيمَا فَرَّطتُمْ فِي أَمْرِ اللهِ لَعَلَّ تَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، إِذًا فَاسْمَعُوا قَوْلِي ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى اللهِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ لِيَرْحَمَكُمُ اللهُ بِفَضْلِهِ وَيَغْفِرَ خَطَايَاكُمْ وَيَعْفُوَ جَرِيرَاتِكُمْ وَإِنَّهُ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ وَأَحَاطَ فَضْلُهُ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي قُمُصِ الوُجُودِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. | | أَنْ يَا طَيرَ القُدسِ طِرْ فِي فَضاءِ الأُنْسِ ثُمَّ ذَكِّرِ العِبَادَ بِما أَرَيْنَاكَ في لُجَجِ البَقَاءِ وَرَاءَ جَبَلِ الْعِزِّ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ الْعَزيزِ الْجَميلِ، إِنَّا نَحْرُسُكَ عَنِ اَلّذينَ هُم ظَلَمُوكَ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ مِنَ اللهِ وَلا كِتابٍ مُنيرٍ، قُلْ تَاللهِ يا مَلأَ الغُفَلاءِ مَا جِئْنَاكُمْ لِنُفْسِدَ في أَرْضِكُمْ وَنَكُونَ فِيها لَمِنَ المُفْسِدينَ، بَلْ جِئْنَاكُمْ لِنَتَّبِعَ أَمْرَ السُّلْطَانِ وَنَرْفَعَ أَمْرَكُمْ وَنُعَلِّمَكُمُ الْحِكْمَةَ وَنُذَكِّرَكُمْ في ما نَسِيتُمْ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ فَذَكِّرْ إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ، وَأَنْتُمْ ما سَمِعْتُمْ نَغَمَاتِ الرُّوحِ وَسَمِعْتُمْ غَيْرَ مَسْمَعٍ عَنْ أَعدائِنا الّذينَ لا يتَكلَّمُونَ إِلَّا بِمَا يؤَيِّدُهُمْ هَواهُمْ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَكَانُوا مِنَ الْمُفْتَرينَ، أَمَا سَمِعْتُمْ ما نُزِّلَ فِي كِتابِ عِزٍّ مُبِينٍ فَإِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوُا فَلِمَ نَبَذْتُم حُكْمَ اللهِ وَرَاءَكُمْ وَاتَّبَعْتُمْ سُبُلَ المُفْسِدينَ، وَسَمِعْنَا بِأَنَّ مِنَ المُفْتَرينَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هذَا العَبْدَ كانَ أَنْ يَأْكُلُ الرِّبوا فِي العِراقِ وَيَجْمَعُ الزّخارِفَ لِنَفسِهِ قُلْ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فِي ما لَيسَ لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَتَفْتَرُونَ عَلَى العِبَادِ وَتَظُنُّونَ ظَنَّ الشَّياطِينِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ بَعْدَ الَّذي أَنْهَى الله عَنْهُ عِبادَهُ فِي كِتابِ قُدْسٍ حَفيظٍ الّذي نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَجَعَلَهُ حُجَّةً بَاقِيةً مِنْ عِنْدِهِ وَهُدَى وَذِكْرى لِلْعَالَمِينَ، وَهذِهِ واحِدَةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي خالَفْنَا فِيهَا عُلَمَاءَ العَجَمِ وَنَهَيْنَا العِبَادَ عَنْ ذلِك بِحُكْمِ الْكِتَابِ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهيد، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَلكِنْ نُلْقِي عَلَيْكُمُ الحَقَّ لِتَطَّلِعُوا بِهِ وَتَكُونُنَّ فِيهَا لَمِنَ الْمُتَّقِينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَسْمَعُوا أَقْوالَ الَّذِينَ تَجِدُونَ مِنْهُمْ رَوائِحَ الْغِلِّ وَالنِّفَاقِ وَلا تَلْتَفِتُوا إِلى هؤلاءِ وَكُونُوا مِنَ الزَّاهِدينَ، فَاعْلُموا بِأَنَّ الدُّنْيا وَزينَتَها وَزُخْرُفَهَا سَيَفْنَى وَيَبْقَى المُلْكُ للهِ المَلِكِ المُهَيمِنِ العَزيزِ القَدِيرِ، سَتَمضي أَيَّامُكُمْ وَكُلُّ ما اَنْتُم تَشتَغِلُونَ بِهِ وَبِهِ تَفْتَخِرُونَ عَلَى النَّاسِ وَيَحْضُرُكُمْ مَلائكَةُ الأَمْرِ عَلَى مَقَرِّ الّذي تَرْجُفُ فِيهِ أَرْكَانُ الخَلائِقِ وَتَقْشَعِرُّ فيهِ جُلُودُ الظَّالِمِينَ، وَتُسْئَلُونَ عَمَّا اكْتَسَبْتُمْ في الحَيَاةِ الباطِلَةِ وَتُجْزَوْنَ بِمَا فَعَلْتُمْ وَهَذا مِنْ يَوْمِ الّذي يَأْتِيكُمْ وَالسَّاعَةِ الَّتِي لا مَرَدَّ لَهَا وَشَهِدَ بِذلِك لِسَانُ صِدْقٍ عَلِيمٍ. |
Latest revision as of 17:54, 10 December 2023
أَنْ يَا طَيرَ القُدسِ طِرْ فِي فَضاءِ الأُنْسِ ثُمَّ ذَكِّرِ العِبَادَ بِما أَرَيْنَاكَ في لُجَجِ البَقَاءِ وَرَاءَ جَبَلِ الْعِزِّ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ الْعَزيزِ الْجَميلِ، إِنَّا نَحْرُسُكَ عَنِ اَلّذينَ هُم ظَلَمُوكَ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ مِنَ اللهِ وَلا كِتابٍ مُنيرٍ، قُلْ تَاللهِ يا مَلأَ الغُفَلاءِ مَا جِئْنَاكُمْ لِنُفْسِدَ في أَرْضِكُمْ وَنَكُونَ فِيها لَمِنَ المُفْسِدينَ، بَلْ جِئْنَاكُمْ لِنَتَّبِعَ أَمْرَ السُّلْطَانِ وَنَرْفَعَ أَمْرَكُمْ وَنُعَلِّمَكُمُ الْحِكْمَةَ وَنُذَكِّرَكُمْ في ما نَسِيتُمْ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ فَذَكِّرْ إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ، وَأَنْتُمْ ما سَمِعْتُمْ نَغَمَاتِ الرُّوحِ وَسَمِعْتُمْ غَيْرَ مَسْمَعٍ عَنْ أَعدائِنا الّذينَ لا يتَكلَّمُونَ إِلَّا بِمَا يؤَيِّدُهُمْ هَواهُمْ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَكَانُوا مِنَ الْمُفْتَرينَ، أَمَا سَمِعْتُمْ ما نُزِّلَ فِي كِتابِ عِزٍّ مُبِينٍ فَإِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوُا فَلِمَ نَبَذْتُم حُكْمَ اللهِ وَرَاءَكُمْ وَاتَّبَعْتُمْ سُبُلَ المُفْسِدينَ، وَسَمِعْنَا بِأَنَّ مِنَ المُفْتَرينَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هذَا العَبْدَ كانَ أَنْ يَأْكُلُ الرِّبوا فِي العِراقِ وَيَجْمَعُ الزّخارِفَ لِنَفسِهِ قُلْ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فِي ما لَيسَ لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَتَفْتَرُونَ عَلَى العِبَادِ وَتَظُنُّونَ ظَنَّ الشَّياطِينِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ بَعْدَ الَّذي أَنْهَى الله عَنْهُ عِبادَهُ فِي كِتابِ قُدْسٍ حَفيظٍ الّذي نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَجَعَلَهُ حُجَّةً بَاقِيةً مِنْ عِنْدِهِ وَهُدَى وَذِكْرى لِلْعَالَمِينَ، وَهذِهِ واحِدَةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي خالَفْنَا فِيهَا عُلَمَاءَ العَجَمِ وَنَهَيْنَا العِبَادَ عَنْ ذلِك بِحُكْمِ الْكِتَابِ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهيد، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَلكِنْ نُلْقِي عَلَيْكُمُ الحَقَّ لِتَطَّلِعُوا بِهِ وَتَكُونُنَّ فِيهَا لَمِنَ الْمُتَّقِينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَسْمَعُوا أَقْوالَ الَّذِينَ تَجِدُونَ مِنْهُمْ رَوائِحَ الْغِلِّ وَالنِّفَاقِ وَلا تَلْتَفِتُوا إِلى هؤلاءِ وَكُونُوا مِنَ الزَّاهِدينَ، فَاعْلُموا بِأَنَّ الدُّنْيا وَزينَتَها وَزُخْرُفَهَا سَيَفْنَى وَيَبْقَى المُلْكُ للهِ المَلِكِ المُهَيمِنِ العَزيزِ القَدِيرِ، سَتَمضي أَيَّامُكُمْ وَكُلُّ ما اَنْتُم تَشتَغِلُونَ بِهِ وَبِهِ تَفْتَخِرُونَ عَلَى النَّاسِ وَيَحْضُرُكُمْ مَلائكَةُ الأَمْرِ عَلَى مَقَرِّ الّذي تَرْجُفُ فِيهِ أَرْكَانُ الخَلائِقِ وَتَقْشَعِرُّ فيهِ جُلُودُ الظَّالِمِينَ، وَتُسْئَلُونَ عَمَّا اكْتَسَبْتُمْ في الحَيَاةِ الباطِلَةِ وَتُجْزَوْنَ بِمَا فَعَلْتُمْ وَهَذا مِنْ يَوْمِ الّذي يَأْتِيكُمْ وَالسَّاعَةِ الَّتِي لا مَرَدَّ لَهَا وَشَهِدَ بِذلِك لِسَانُ صِدْقٍ عَلِيمٍ.