Suriy-i-Muluk/Arabic14: Difference between revisions

From Baha'i Writings Collaborative Translation Wiki
Jump to navigation Jump to search
(Pywikibot 8.1.2)
 
No edit summary
 
Line 1: Line 1:
أَنْ يَا حُكَمَاءَ المَدِينةِ وَفَلاسِفَةَ الأَرْضِ لا تَغُرَّنّكُمُ الحِكْمَةُ بِاللهِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ الحِكْمَةَ هِيَ خَشْيَةُ اللهِ وَعِرْفَانُهُ وَعِرْفَانُ مَظَاهِرِ نَفْسِهِ وَهذِهِ لَحِكْمَةٌ الَّتِي لَنْ يَنَالَهَا إِلَّا اَلَّذِينَ هُمْ انْقَطَعُوا عَنِ الدُّنْيَا وَكَانُوا فِي رِضَى اللهِ هُمْ يَسْلُكُونَ، أَأَنْتُمْ أَعْظَمُ حِكْمَةً أَمِ الَّذِي صَنَعَ القَمَرَ وَكَانَ أَنْ يَطْلُعُ مِنْ بِئرٍ وَيَغْرُبُ فِي جُبٍّ أُخْرَى وَيَسْتَضِيءُ مِنْهُ ثَلثَةُ فَرَاسِخَ مِنَ الأَرْضِ وَمَحَى اللهُ آثَارَهُ وَرجَّعَهُ إِلَى التُّرَابِ وَأَنْتُمْ سَمِعْتُمْ نَبَأَهُ أَوْحِينَئِذٍ تَسْمَعُونَ، وَكَمْ مِنْ حُكَمَاءَ كَانوُا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَمِثْلَكُمْ أَوْ فَوْقَكُمْ وَمِنْهُمْ آمَنُوا وَمِنْهُمْ أَعْرَضُوا وَأَشْرَكُوا وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا هُمْ فِي النَّارِ كَانُوا أَنْ يَدْخُلُونَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا هُمْ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ كَانُوا أَنْ يَرْجِعُونَ، إِنَّ اللهَ لا يَسْئَلُكُمْ عَنْ صَنَائِعِكُمْ بَلْ عَنْ إِيمَانِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ تُسْئَلُونَ، أَأَنْتُمْ أَعْظَمُ حِكْمَةً أَمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ السَّمَواتِ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا؟ سُبْحَانَ اللهِ مَا مِنْ حَكِيمٍ إِلَّا هُوَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ يُعْطِي الحِكْمَةَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَيَمْنَعُ الحِكْمَةَ عَمَّنْ يَشَاءُ مِنْ بَرِيَّتِهِ وَإِنَّهُ لَهُوَ المُعْطِي المَانِعُ الكَرِيمُ الحَكِيمُ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الحُكَمَاءِ مَا حَضَرْتُمْ عِنْدَنَا لِتَسْمَعُوا نَغَمَاتِ الرُّوحِ وَتَعْرِفُوا مَا أَعْطَانِي اللهُ بِفَضْلِهِ وَإِنَّ هذَا فَاتَ عَنْكُمِ إِنْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَلَوْ حَضَرْتُمْ بَيْنَ يَدَيْنَا لَعَلَّمْنَاكُمْ مِنْ حِكْمَةٍ الَّتِي تَغْنَوْنَ بِهَا عَنْ دُونِهَا وَمَا حَضَرْتُمْ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَنُهِيتُ عَنْ إِظْهَارِهَا مِنْ بَعْدُ لِمَا نَسَبُونَا بِالسِّحْرِ إِنْ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَكَذلِكَ قَالُوا مِنْ قَبْلُ وَقَضَى نَحْبَهُمْ وَهُمْ حِينَئِذٍ فِي النَّارِ يَصْرُخُونَ، وَيَقْضِي نَحْبَ هؤُلاءِ وَهذَا حَتْمٌ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ قَيُّومٍ، أُوصِيكُمْ فِي آخِرِ القَوْلِ بِأَنْ لا تَتَجَاوَزُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ وَلا تَلْتَفِتُوا إِلَى قَواعِدِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ لأَنَّهَا لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِيكُمْ بَلْ بِسُنَنِ اللهِ أَنْتُمْ فَانْظُرُونَ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَتَّخِذْ هذَا النُّصْحَ لِنَفْسِهِ سَبِيلاً إِلَى اللهِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى هَواهُ، إِنَّ رَبِّي لَغَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَعَنْ كُلِّ مَا هُمْ يَقُولُونَ أَو يَعْمَلُونَ، وَأَخْتِمُ القَوْلَ بِمَا قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ ﴿لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلأَ المُسْلِمِينَ وَالحَمْدُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
لأَنَّ اللهَ مَا جَعَلَ لأَحَدٍ مِنْ قَلْبَيْنِ وَهذا مَا نُزِّلَ فِي كِتابٍ قَدِيمٍ، وَلَمَّا جَعَلَهُ اللهُ وَاحِدًا يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ بِأَنْ لا تُدْخِلَ فِيهِ حُبَّيْنِ، إِذًا تَمَسَّكْ بِحُبِّ اللهِ وَأَعْرِضْ عَنْ حُبِّ مَا سِوَاهُ لِيُدْخِلَكَ اللهُ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِهِ وَيَجْعَلَكَ مِنَ المُوَحِّدِينَ، فَوَاللهِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودِي فِيمَا أَلْقَيْنَاكَ إِلَّا تَنْزِيهَكَ عَنِ الأَشْيَاءِ الفَانِيَةِ وَوُرُودَكَ فِي جَبَرُوتِ البَاقِيَةِ  وَتَكُونَ فِيهِ بِإِذْنِ اللهِ لَمِنَ الحَاكِمينَ، أَسَمِعْتَ يَا أَيُّهَا المَلِكُ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ وُكَلائِكَ وَمَا عَمِلُوا بِنَا أَمْ كُنْتَ مِنَ الغَافِلينَ، وَإِنْ سَمِعْتَ وَعَلِمْتَ لِمَ مَا أَنَهَيْتَهُمْ عَنْ فِعْلِهِمْ وَرَضِيتَ لِمَنْ أَجَابَ أَمْرَكَ وَأَطَاعَكَ مَا لا يَرْضَى لأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلاطِينِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَّلِعًا هذا أَعْظَمُ مِنَ الأُولَى إِنْ أَنْتَ مِنَ المُتَّقِينَ، إِذًا أَذْكُرُ لِحَضْرَتِكَ لِتَطَّلِعَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ هؤُلاءِ الظَّالِمِينَ، فَاعْلَمْ بِأَنَّا جِئْنَاكَ بِأَمْرِكَ وَدَخَلْنَا مَدِينَتَكَ بِعِزٍّ مُبِينٍ، وَأَخْرَجُونَا عَنْها بِذِلَّةٍ الَّتِي لَنْ تُقَاسَ بِهِ ذِلّةٌ فِي الأَرْضِ إِنْ أَنْتَ مِنَ المُطَّلِعِينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ دَخَّلُونَا فِي مَدِينَةٍ الَّتِي لَنْ يَدْخُلَ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا الَّذِينَ هُم عَصَوْا أَمْرَكَ وَكَانُوا مِنَ العَاصِينَ، وَكَانَ ذلِكَ بَعْدَ الّذِي مَا عَصَيْنَاكَ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ فَلَمَّا سَمِعْنَا أَمْرَكَ أَطَعْنَاهُ وَكُنَّا مِنَ المُطِيعينَ، وَمَا رَاعَوْا فِينَا حَقَّ اللهِ وَحُكْمَهُ وَلا فِيمَا نُزِّلَ عَلَى الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَمَا رَحَمُوا عَلَيْنَا وَفَعَلُوا بِنَا مَا لا فَعَلَ مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ وَلا مُؤْمِنٌ عَلَى كَافِرٍ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ وَعَلِيمٌ، وَحِينَ إِخْرَاجِنَا عَنْ مَدِينَتِكَ حَمَلُونَا عَلَى خُدُورِ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَيْهَا العِبَادُ أَثْقَالَهُمْ وَأَوْزَارَهُمْ كَذلِكَ فَعَلُوا بِنَا إِنْ كَانَ حَضْرَتُكَ لَمِنَ المُسْتَخْبِرينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ وَرَّدُونا فِي بَلْدَةِ العُصاةِ عَلَى زَعْمِهِمْ، فَلَمَّا وَرَدْنا مَا وَجَدْنا فِيها مِنْ بَيْتٍ لِنَسْكُنَ فِيها لِذا نَزَلْنا فِي مَحَلٍّ الّذِي لَنْ يَدْخُلَ فِيهِ إِلَّا كُلُّ ذِي اضْطِرارٍ غَرِيبٍ، وَكُنَّا فِيهِ أَيَّامًا مَعْدُودةً وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا الأَمْرُ لِضِيقِ المَكَانِ لِذَا اسْتَأْجَرْنا بُيوتَ الَّتِي تَرَكُوها أَهْلُها مِنْ شِدَّةِ بَرْدِها وَكَانُوا مِنَ التَّارِكِينَ، وَلَنْ يَسْكُنَ فِيها أَحَدٌ إِلَّا فِي الصَّيْفِ وَإِنَّا فِي الشِّتَاءِ كُنَّا فِيها لَمِنَ النَّازِلِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لأَهْلِي وَلِلّذِينَ هُمْ كَانُوا مَعِي مِنْ كِسْوَةٍ لِتَقِيهِمْ عَنْ البَرْدِ فِي هذَا الزَّمْهَريرِ، فَيا لَيْتَ عَامَلُوا بِنَا هؤُلاءِ الوُكَلاءُ بِالأُصُولِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ  فَوَاللهِ مَا عَامَلُوا بِنَا لا بِحُكْمِ اللهِ وَلا بِالأُصُولِ الَّتِي يَدَّعُونَ بِها وَلا بِالقَواعِدِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّاسِ وَلا بِقَوَاعِدِ أَرَامِلِ الأَرْضِ حِينَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ مِنْ عَابِرِ السَّبِيلِ، كَذلِكَ وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ هؤُلاءِ قَدْ أَذْكَرْناهُ لَكَ بِلِسَانِ صِدْقٍ مَنِيعٍ، كُلُّ ذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ بَعْدَ الَّذِي قَدْ جِئْتُهُمْ بِأَمْرِهِمْ وَمَا تَخَلَّفْتُ عَنْ حُكْمِهِمْ لأَنَّ حُكْمَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى حَضْرَتِكَ لِذَا أَجَبْناهُمْ فِيما أَمَرُوا وَكُنَّا مِنَ المُجِيبِينَ، كَأَنَّهُمْ نَسَوْا حُكْمَ اللهِ فِي أَنْفُسِهِمْ قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ "فَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ" كَأَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا شَيْئًا إِلَّا رَاحَةَ أَنْفُسِهِمْ وَلَنْ يَسْمَعُوا ضَجِيجَ الفُقَرَاءِ وَلَنْ يَدْخُلَ فِي آذانِهِم صَرِيخُ المَظْلُومِينَ، كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا فِي أَنْفُسِهِم بِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنَ النُّورِ وَدُونَهُمْ مِنَ التُّرَابِ فَبِئْسَ مَا ظَنُّوا كُلُّنَا خُلِقْنَا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، يَا أَيُّها المَلِكُ فَوَاللهِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَشْكُوَ مِنْهُمْ فِي حَضْرَتِكَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَنَا وَإِيَّاهُمْ وَكَانَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ لَشَاهِدٌ وَوَكِيلٌ بَلْ أُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ لَعَلَّ لا يَفْعَلُوا بِأَحَدٍ كَمَا فَعَلُوا بِنَا وَلَعَلَّ يَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، سَتَمْضِي بَلايانا وَاضْطِرارُنا وَالشِّدَّةُ الَّتِي أَحاطَتْنا مِنْ كُلِّ الجِهاتِ وَكَذلِكَ تَمْضِي رَاحَتُهُمْ وَالرَّخَاءُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ وَهذا مِنْ حَقٍّ الَّذِي لَنْ يُنْكِرَهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ، وَسَيُقْضَى سُكُونُنا عَلَى التُّرابِ بِهذِهِ الذِّلَّةِ وَجُلُوسُهُمْ عَلَى سَرِيرِ العِزَّةِ وَيَحْكُمُ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمينَ وَنَشْكُرُ اللهَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَنَصْبِرُ فِيمَا قُضِيَ وَيَقْضِي وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ فَوَّضْتُ أَمْرِي وَإِنَّهُ يُوفِي أُجُورَ الصَّابِرينَ وَالمُتَوَكِّلِينَ، لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَلا يُسْئَلْ عَمَّا شَاءَ وَإِنّهُ لَهُوَ العَزِيزُ القَدِيرُ، اسْمَعْ يَا سُلْطانُ مَا أَلْقَيْنا عَلَى حَضْرَتِكَ ثُمَّ امْنَعِ الظَّالِمينَ عَنْ ظُلْمِهِمْ ثُمَّ اقْطَعْ أَيْدِيَهُمْ عَنْ رُؤُوسِ المُسْلِمِينَ، فَوَاللهِ وَرَدَ عَلَيْنَا مَا لا يَجْرِي القَلَمُ عَلَى ذِكْرِهِ إِلَّا بِأَنْ يَحْزَنَ رَاقِمُهُ وَلَنْ تَقْدِرَ أَنْ تَسْمَعَهُ آذانُ المُوَحِّدِينَ، وَبَلَغَ أَمْرُنَا إِلَى مَقامٍ الَّذِي بَكَتْ عَلَيْنا عُيونُ أَعْدَائِنَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ كُلُّ ذِي بَصَرٍ بَصِيرٍ، بَعْدَ الَّذِي تَوَجَّهْنا إِلَى حَضْرتِكَ وَأَمَرْنَا النَّاسَ بِأَنْ يَدْخُلُوا فِي ظِلِّكَ لِتَكُونَ حِصْنًا لِلْمُوَحِّدِينَ، أَخَالَفْتُكَ يَا سَلْطَانُ فِي شَيْءٍ أَوْ عَصَيْتُكَ فِي أَمْرٍ أَوْ مَعَ وُزَرَائِكَ الَّذِينَ كَانُوا أَنْ يَحْكُمُوا فِي العِرَاقِ بِإِذْنِكَ؟ لا فَوَرَبِّ العَالَمِينَ، مَا عَصَيْنَاكَ وَلا إِيَّاهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ وَلا أَعْصِيكَ مِنْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَلَوْ يَرِدُ عَلَيْنَا أَعْظَمُ عَمَّا وَرَدَ وَنَدْعُوكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَفِي كُلِّ بُكُورٍ وَأَصِيلٍ، لِيُوَفِّقَكَ اللهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِجْرَاءِ حُكْمِهِ وَيَحْفَظَكَ مِنْ جُنُودِ الشَّيَاطِينِ، إِذًا فَافْعَلْ مَا شِئْتَ وَمَا يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ وَيَلِيقُ لِسَلْطَنَتِكَ وَلا تَنْسَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ مَا أَرَدْتَ أَوْ تُرِيدُ، وَقُلِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

Latest revision as of 19:24, 13 December 2023

لأَنَّ اللهَ مَا جَعَلَ لأَحَدٍ مِنْ قَلْبَيْنِ وَهذا مَا نُزِّلَ فِي كِتابٍ قَدِيمٍ، وَلَمَّا جَعَلَهُ اللهُ وَاحِدًا يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ بِأَنْ لا تُدْخِلَ فِيهِ حُبَّيْنِ، إِذًا تَمَسَّكْ بِحُبِّ اللهِ وَأَعْرِضْ عَنْ حُبِّ مَا سِوَاهُ لِيُدْخِلَكَ اللهُ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِهِ وَيَجْعَلَكَ مِنَ المُوَحِّدِينَ، فَوَاللهِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودِي فِيمَا أَلْقَيْنَاكَ إِلَّا تَنْزِيهَكَ عَنِ الأَشْيَاءِ الفَانِيَةِ وَوُرُودَكَ فِي جَبَرُوتِ البَاقِيَةِ وَتَكُونَ فِيهِ بِإِذْنِ اللهِ لَمِنَ الحَاكِمينَ، أَسَمِعْتَ يَا أَيُّهَا المَلِكُ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ وُكَلائِكَ وَمَا عَمِلُوا بِنَا أَمْ كُنْتَ مِنَ الغَافِلينَ، وَإِنْ سَمِعْتَ وَعَلِمْتَ لِمَ مَا أَنَهَيْتَهُمْ عَنْ فِعْلِهِمْ وَرَضِيتَ لِمَنْ أَجَابَ أَمْرَكَ وَأَطَاعَكَ مَا لا يَرْضَى لأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلاطِينِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَّلِعًا هذا أَعْظَمُ مِنَ الأُولَى إِنْ أَنْتَ مِنَ المُتَّقِينَ، إِذًا أَذْكُرُ لِحَضْرَتِكَ لِتَطَّلِعَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ هؤُلاءِ الظَّالِمِينَ، فَاعْلَمْ بِأَنَّا جِئْنَاكَ بِأَمْرِكَ وَدَخَلْنَا مَدِينَتَكَ بِعِزٍّ مُبِينٍ، وَأَخْرَجُونَا عَنْها بِذِلَّةٍ الَّتِي لَنْ تُقَاسَ بِهِ ذِلّةٌ فِي الأَرْضِ إِنْ أَنْتَ مِنَ المُطَّلِعِينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ دَخَّلُونَا فِي مَدِينَةٍ الَّتِي لَنْ يَدْخُلَ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا الَّذِينَ هُم عَصَوْا أَمْرَكَ وَكَانُوا مِنَ العَاصِينَ، وَكَانَ ذلِكَ بَعْدَ الّذِي مَا عَصَيْنَاكَ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ فَلَمَّا سَمِعْنَا أَمْرَكَ أَطَعْنَاهُ وَكُنَّا مِنَ المُطِيعينَ، وَمَا رَاعَوْا فِينَا حَقَّ اللهِ وَحُكْمَهُ وَلا فِيمَا نُزِّلَ عَلَى الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَمَا رَحَمُوا عَلَيْنَا وَفَعَلُوا بِنَا مَا لا فَعَلَ مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ وَلا مُؤْمِنٌ عَلَى كَافِرٍ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ وَعَلِيمٌ، وَحِينَ إِخْرَاجِنَا عَنْ مَدِينَتِكَ حَمَلُونَا عَلَى خُدُورِ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَيْهَا العِبَادُ أَثْقَالَهُمْ وَأَوْزَارَهُمْ كَذلِكَ فَعَلُوا بِنَا إِنْ كَانَ حَضْرَتُكَ لَمِنَ المُسْتَخْبِرينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ وَرَّدُونا فِي بَلْدَةِ العُصاةِ عَلَى زَعْمِهِمْ، فَلَمَّا وَرَدْنا مَا وَجَدْنا فِيها مِنْ بَيْتٍ لِنَسْكُنَ فِيها لِذا نَزَلْنا فِي مَحَلٍّ الّذِي لَنْ يَدْخُلَ فِيهِ إِلَّا كُلُّ ذِي اضْطِرارٍ غَرِيبٍ، وَكُنَّا فِيهِ أَيَّامًا مَعْدُودةً وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا الأَمْرُ لِضِيقِ المَكَانِ لِذَا اسْتَأْجَرْنا بُيوتَ الَّتِي تَرَكُوها أَهْلُها مِنْ شِدَّةِ بَرْدِها وَكَانُوا مِنَ التَّارِكِينَ، وَلَنْ يَسْكُنَ فِيها أَحَدٌ إِلَّا فِي الصَّيْفِ وَإِنَّا فِي الشِّتَاءِ كُنَّا فِيها لَمِنَ النَّازِلِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لأَهْلِي وَلِلّذِينَ هُمْ كَانُوا مَعِي مِنْ كِسْوَةٍ لِتَقِيهِمْ عَنْ البَرْدِ فِي هذَا الزَّمْهَريرِ، فَيا لَيْتَ عَامَلُوا بِنَا هؤُلاءِ الوُكَلاءُ بِالأُصُولِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فَوَاللهِ مَا عَامَلُوا بِنَا لا بِحُكْمِ اللهِ وَلا بِالأُصُولِ الَّتِي يَدَّعُونَ بِها وَلا بِالقَواعِدِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّاسِ وَلا بِقَوَاعِدِ أَرَامِلِ الأَرْضِ حِينَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ مِنْ عَابِرِ السَّبِيلِ، كَذلِكَ وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ هؤُلاءِ قَدْ أَذْكَرْناهُ لَكَ بِلِسَانِ صِدْقٍ مَنِيعٍ، كُلُّ ذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ بَعْدَ الَّذِي قَدْ جِئْتُهُمْ بِأَمْرِهِمْ وَمَا تَخَلَّفْتُ عَنْ حُكْمِهِمْ لأَنَّ حُكْمَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى حَضْرَتِكَ لِذَا أَجَبْناهُمْ فِيما أَمَرُوا وَكُنَّا مِنَ المُجِيبِينَ، كَأَنَّهُمْ نَسَوْا حُكْمَ اللهِ فِي أَنْفُسِهِمْ قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ "فَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ" كَأَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا شَيْئًا إِلَّا رَاحَةَ أَنْفُسِهِمْ وَلَنْ يَسْمَعُوا ضَجِيجَ الفُقَرَاءِ وَلَنْ يَدْخُلَ فِي آذانِهِم صَرِيخُ المَظْلُومِينَ، كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا فِي أَنْفُسِهِم بِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنَ النُّورِ وَدُونَهُمْ مِنَ التُّرَابِ فَبِئْسَ مَا ظَنُّوا كُلُّنَا خُلِقْنَا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، يَا أَيُّها المَلِكُ فَوَاللهِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَشْكُوَ مِنْهُمْ فِي حَضْرَتِكَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَنَا وَإِيَّاهُمْ وَكَانَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ لَشَاهِدٌ وَوَكِيلٌ بَلْ أُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ لَعَلَّ لا يَفْعَلُوا بِأَحَدٍ كَمَا فَعَلُوا بِنَا وَلَعَلَّ يَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، سَتَمْضِي بَلايانا وَاضْطِرارُنا وَالشِّدَّةُ الَّتِي أَحاطَتْنا مِنْ كُلِّ الجِهاتِ وَكَذلِكَ تَمْضِي رَاحَتُهُمْ وَالرَّخَاءُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ وَهذا مِنْ حَقٍّ الَّذِي لَنْ يُنْكِرَهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ، وَسَيُقْضَى سُكُونُنا عَلَى التُّرابِ بِهذِهِ الذِّلَّةِ وَجُلُوسُهُمْ عَلَى سَرِيرِ العِزَّةِ وَيَحْكُمُ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمينَ وَنَشْكُرُ اللهَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَنَصْبِرُ فِيمَا قُضِيَ وَيَقْضِي وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ فَوَّضْتُ أَمْرِي وَإِنَّهُ يُوفِي أُجُورَ الصَّابِرينَ وَالمُتَوَكِّلِينَ، لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَلا يُسْئَلْ عَمَّا شَاءَ وَإِنّهُ لَهُوَ العَزِيزُ القَدِيرُ، اسْمَعْ يَا سُلْطانُ مَا أَلْقَيْنا عَلَى حَضْرَتِكَ ثُمَّ امْنَعِ الظَّالِمينَ عَنْ ظُلْمِهِمْ ثُمَّ اقْطَعْ أَيْدِيَهُمْ عَنْ رُؤُوسِ المُسْلِمِينَ، فَوَاللهِ وَرَدَ عَلَيْنَا مَا لا يَجْرِي القَلَمُ عَلَى ذِكْرِهِ إِلَّا بِأَنْ يَحْزَنَ رَاقِمُهُ وَلَنْ تَقْدِرَ أَنْ تَسْمَعَهُ آذانُ المُوَحِّدِينَ، وَبَلَغَ أَمْرُنَا إِلَى مَقامٍ الَّذِي بَكَتْ عَلَيْنا عُيونُ أَعْدَائِنَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ كُلُّ ذِي بَصَرٍ بَصِيرٍ، بَعْدَ الَّذِي تَوَجَّهْنا إِلَى حَضْرتِكَ وَأَمَرْنَا النَّاسَ بِأَنْ يَدْخُلُوا فِي ظِلِّكَ لِتَكُونَ حِصْنًا لِلْمُوَحِّدِينَ، أَخَالَفْتُكَ يَا سَلْطَانُ فِي شَيْءٍ أَوْ عَصَيْتُكَ فِي أَمْرٍ أَوْ مَعَ وُزَرَائِكَ الَّذِينَ كَانُوا أَنْ يَحْكُمُوا فِي العِرَاقِ بِإِذْنِكَ؟ لا فَوَرَبِّ العَالَمِينَ، مَا عَصَيْنَاكَ وَلا إِيَّاهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ وَلا أَعْصِيكَ مِنْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَلَوْ يَرِدُ عَلَيْنَا أَعْظَمُ عَمَّا وَرَدَ وَنَدْعُوكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَفِي كُلِّ بُكُورٍ وَأَصِيلٍ، لِيُوَفِّقَكَ اللهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِجْرَاءِ حُكْمِهِ وَيَحْفَظَكَ مِنْ جُنُودِ الشَّيَاطِينِ، إِذًا فَافْعَلْ مَا شِئْتَ وَمَا يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ وَيَلِيقُ لِسَلْطَنَتِكَ وَلا تَنْسَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ مَا أَرَدْتَ أَوْ تُرِيدُ، وَقُلِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.